تصاعد قلق واسع بين مؤيدي إسرائيل حول العالم، كما يوضح الكاتب جوزيف مسعد، مع تنامي الشعور بأن المشروع الاستيطاني الأخير في آسيا يواجه خطر الانهيار. حتى جماعات يهودية موالية لإسرائيل في بريطانيا والولايات المتحدة بدأت، بعد أعوام من الدفاع عن سياسات الاحتلال، تعلن فجأة عن "مخاوف إنسانية" إزاء المجاعة التي تضرب غزة، في وقت تتواصل فيه الإبادة عبر القصف والتجويع المتعمد.

يشير تقرير ميدل إيست آي إلى أن صور الأطفال الهزال، والحشود الجائعة في مواقع توزيع المساعدات المحاطة بالقوات المسلحة، والمجازر بحق من يحاولون الوصول إلى الغذاء، دفعت حكومات ومؤسسات غربية إلى التراجع عن تبرير جرائم إسرائيل أو تجاهل الكارثة الإنسانية. خارج الدعم الأمريكي المباشر، يبدو أن كثيراً من الحلفاء الغربيين غير مستعدين لمواصلة السير مع إسرائيل نحو إعادة احتلال غزة، وبعضهم بدأ فعلاً التفكير في الابتعاد عنها.

خلال أواخر يوليو، أصدر "اللجنة اليهودية الأمريكية" بياناً يؤكد دعم الحرب الإسرائيلية بدعوى القضاء على "تهديد حماس"، لكنه أعرب عن "حزن شديد" للوضع الإنساني ودعا لزيادة تدفق المساعدات. وفي الأسبوع نفسه، أبدت "الجمعية الحاخامية" في نيويورك قلقها من الأزمة، وطالبت بخطوات عاجلة لتخفيف معاناة المدنيين وضمان وصول الغذاء والماء والدواء. كذلك دعا "اتحاد اليهودية الإصلاحية" إلى وقف سياسة التجويع، مؤكداً أن ذلك لن يحقق "النصر الكامل" ولا يتماشى مع القيم اليهودية أو القانون الإنساني. كما وقع ألف حاخام رسالة ترفض القتل الجماعي واستخدام الجوع كسلاح.

امتدت هذه الموجة إلى بريطانيا، حيث دعا "مجلس نواب اليهود" إلى زيادة المساعدات لغزة، بعد شهر فقط من معاقبة أعضاء انتقدوا سياسات إسرائيل. في الوقت نفسه، طالب 31 شخصية إسرائيلية بفرض عقوبات قاسية على حكومتهم بسبب التجويع، فيما وصفت منظمات إسرائيلية لحقوق الإنسان ما يجري بأنه "إبادة". حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحسب تقارير، صرخ في وجه نتنياهو خلال مكالمة هاتفية مطالباً بوقف إنكار المجاعة.

اعتراضات جديدة برزت أيضاً على خطة إسرائيل لإعادة احتلال غزة، إذ حذرت جهات غربية، بما فيها صحيفة الجارديان المؤيدة تقليدياً لإسرائيل، من أن الخطوة ستفاقم الصراع بلا أفق للحل. بل إن الحكومة الألمانية، أحد أبرز داعمي إسرائيل منذ أكتوبر 2023، أوقفت صفقات أسلحة جديدة قد تُستخدم في العدوان. بالتوازي، يجري الإعداد في الأمم المتحدة للاعتراف الرمزي بـ"دولة فلسطينية" في محاولة لحماية إسرائيل من نفسها والتغطية على دعم الغرب المستمر للإبادة.

تغير المزاج الدولي جاء بعد اعتراف خبراء أمميين ومنظمات حقوقية مستقلة، إلى جانب بعض الهيئات الإسرائيلية، بأن ما يحدث في غزة يرقى إلى الإبادة الجماعية، ما جعل من الصعب على الحكومات الغربية ووسائل الإعلام الكبرى تبرير أو إنكار حجم الدمار والقتل. الفشل الإسرائيلي في هزيمة حماس أو ردع إيران، واقتصار فاعلية جيشه على قتل المدنيين دون إخضاعهم، أثار قلقاً أمنياً متزايداً لدى الحلفاء.

الاعتماد شبه الكامل على الدعم العسكري والاستخباراتي والمالي والدبلوماسي الغربي يعني أن إسرائيل ما كانت لتتمكن من تنفيذ الإبادة أو حماية نفسها من خصومها لولا هذا السند. لكن استطلاعات الرأي تظهر أن غالبية الرأي العام الغربي، من اليمين إلى اليسار، تدين فظائع إسرائيل، وحتى في الولايات المتحدة بدأت قطاعات يمينية مؤيدة لترامب تعارض استمرار دعمها.

يخشى داعمو إسرائيل الأكثر تشدداً أن يتكرر سيناريو الجزائر الفرنسية، حين سئم الرأي العام الفرنسي من عنف المستوطنين قبل نهاية الاحتلال. ومع تحذير نتنياهو نفسه منذ عقد من احتمال ألا تصمد إسرائيل حتى مئويتها، تتعزز المخاوف من أن السياسات الحالية تسرّع نهايتها، بينما يسعى حلفاؤها إلى القفز من السفينة قبل أن تغرق.

 

https://www.middleeasteye.net/opinion/are-israels-allies-abandoning-sinking-ship